الثلاثاء، 19 نوفمبر 2019

مقال عن خرافة: (الحقيقةُ والكذبُ)، عبير الحمدي، 1ث8، المنتزه، 19-2020

{ مقال عن: خرافة "الحقيقةُ والكذبُ" {
{ عبير الحمدي، 1ث8، المنتزه، 19-2020 {
أرى أنّ "الحقيقةُ والكذبُ" قصّةٌ غيرُ منطقيّةٍ. فقد بيّنت الخرافةُ أنّ الحقيقةَ فشلتْ أمام الكذب. وعندما سألها متساكِنُو القرية، كانتْ تقول الحقيقةَ ولا شيءَ غيرَ الحقيقة. لكنّ السّكّانَ غضبوا وطردوها مع رفيقها. وعندما تكلّم الكذبُ، صدّقه النّاسُ. بل عاش عيشةً هنيئة فيها كلُّ ما يتمنّى. لكنّ الأكاذيبَ الّتي قالها جعلتِ القصّةَ غريبةً. إذ ادّعى أنّه يستطيعُ إحياءَ الأموات. وهذا غيرُ ممكن بل مستحيلٌ. فنحن نعلم أنّه لا يوجد كائنٌ سوى الله يعيدُ الموتى إلى الحياة.
لذلك أنا أرفضُ هذه القصّةَ الخرافيّة لكونِها غيرَ واقعيّة. وعندما أردتُ التّأكّدَ مِن سلامة موقفي، سألتُ أعضاءَ أسرتي عن رأيهم في مدى تفوّقِ الكذب على الحقيقة. فكانتْ إجاباتُهم كالتّالي:
- إجابةُ أمّي: «في هذه الأيّام لا يمكنُ أن يتفوّقَ الإنسانُ في حياتِه الخاصّة دون كذب. على هذا الأساس أنا أصدّقُ أنّ الكذبَ يمكنه التّفوّقُ على الحقيقة. وهذا أمرٌ سائدٌ في حياتِنا اليوميّة. لذلك ليس بوُسعِكِ أن ترفضي هذا الواقعَ».
- إجابةُ أبي: «الكذبُ في واقعنا سلوكٌ تعوّد عليه الإنسانُ إلى درجة أنّه يصعبُ أن يقضّيَ يوما واحدا دون أن يكذبَ كذبةً على الأقلّ. ويوجد ناسٌ مدمنون على الكذب لأنّهم تعوّدوا عليه مِن الصّغر. لذلك ينتشرُ الكذبُ بكثرةٍ في حياة البشر، ويمكنه أن يتفوّقَ على الحقيقة تفوّقا باهرا».
- إجابةُ أخي: «في حياتِنا الواقعيّة يمكنكِ أن تعتبري الكذبَ غريزةً عند الإنسان. هذا لأنّه لا يستطيع أن يحلَّ مشكلةً ويخرجَ مِنها بسلام بواسطة الحقيقة. يجب عليه أن يكذبَ لإنقاذ نفسِه. ثمّ إنّه يوجد ناسٌ يقولون كلاما خياليّا وغيرَ منطقيّ مستغلِّين مشاعرَ الآخرين أو سذاجةَ تفكيرهم. لذا أرى أنّه لا شكَّ في أنّ الكذبَ يمكنه التّغلّبَ على الحقيقة».
نتيجةُ المحاورة هي نفسُها: تفوّقَ الكذبُ على الحقيقة ثلاثَ مرّات. لكنّ أحدا مِنهم لم يقنعْني. إذ توجد حكمةٌ شعبيّة شائعة جدّا تقول: «حَبْلُ الكَذِبِ قَصِيرٌ». وفعلا توجدُ حقائقُ انكشفَ بعضُها وخفِي بعضُها الآخرُ. وإن كان كلامي خاطئا، فلِمَ يردّدُ النّاسُ هذا المثلَ ما داموا يكذبون؟ ومِن جهةٍ أخرى تقول بعضُ الإحصائيّات إنّ نسبةَ الأشخاص الّذين يكذبون هي 47./.، وهؤلاء يكذبون حواليْ 200 مرّةٍ يوميّا. ثمّ إنّ سنَّ أغلبِ هؤلاء أقلُّ مِن 20 سنة. أمّا مَن يتجاوزون سنَّ العشرين فنسبةُ الكذب عندهم ضئيلةٌ جدّا. وتُعتبَر هذه النّسبةُ، حسْب رأيي، ضعيفةً إذا قارنّاها بمجمَلِ سكّان العالم. هذا ما يؤكّد أنّ الحقيقةَ تستطيع أن تنتصرَ على الكذب.  
لذلك أنا دائما أصدّقُ الحقيقةَ وأتحمّلها. وأفضّلُ أن أقولَها وأتحمّلَ ما سيحدثُ لي بسببِها على أن أكذبَ لأنجوَ بنفسي. فالعقابُ في الآخرة سيكون وخِيما.
{ عبير الحمدي، تونس: نوفمبر 2019 {


صورة مِن النّات