الخميس، 22 أكتوبر 2020

شعر: (صِراعُ الوجهِ والجسدِ)، هبة الله السّاسي، 2 اق، المنتزه، 20-2021


صِرَاعُ الوَجْهِ وَالجَسَدِ

نَظَرْتُ فِي مِرْآتِي

رَأَيْتُ وَجْهًا لَـمْ يُصَادِفْنِي فِي حَيَاتِي

اِقْتَرَبْتُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرْ

إِنَّهُ وَجْهٌ يَـحْمِلُ مَأْسَاتِي

قُلْتُ لَهُ: "مَنْ أَنْتَ، أَيُّهَا الغَرِيبْ؟

أَتَبْحَثُ عَنْ حَبِيبْ؟

أَمْ تَنْتَظِرُ أَمَلاً قَرِيبْ؟

أَمْ خَوْفُكَ مِنْ فِرَاقِ الأَحْبَابِ

رَمَاكَ فِي سَرَادِيبِ اللَّهِيبْ؟!"

ضَحِكَ الوَجْهُ بِاسْتِهْزَاءْ:

"مَا هَذَا الغَبَاءْ؟!

أَنَا لاَ أَدِينُ بِالوَلاَءْ

لِـجَسَدٍ لاَ يَرَى الأَمَلَ القَادِمَ مِنَ السَّمَاءْ" 

رَدَّ الـجَسَدُ فِي كِبْرِيَاءْ:

"أَيُّهَا الوَجْهُ،

اِرْحَمْ نَفْسًا قَدْ دَمَّرَهَا الاسْتِيَاءْ

تَـحْمِلُ فِي قَسَمَاتِكَ مَا يَكْفِي مِنَ الشَّقَاءْ

فَتَزِيدُ بَلاَئِي بَلاَءْ

إِنَّ الـحَيَاةَ، يَا صَدِيقِي، قَصِيرَهْ

وَالـخَوْضُ فِيهَا مَعْرَكَةٌ حَقِيرَهْ

اُتْرُكْنَا نَعِيشُهَا بِسَلاَمْ

وَازْرَعْ بَيْنَ تَـجَاعِيدِكَ الأَحْلاَمْ

وَاتْرُكِ الـحَصَادَ لِلْأَيَّامْ

مَاذَا سَتَجْنِي لَوْ حَطَّمْتَ الآمَالْ

وَرَسَـمْتَ عَلَى ثَغْرِكَ الأَحْزَانْ

وَعَزَفْتَ فِي الرُّوحِ سِيمْفُونِيَّةَ الأَشْجَانْ؟!

هَيَّا، تَـجَرَّدْ مِنَ الأَوْهَامْ

فَالعُمْرُ أَيَّامٌ قَلِيلَهْ

وَاليَأْسُ لَيْسَ وَسِيلَهْ

لِنُشْفِيَ قُلُوبًا عَلِيلَهْ

لاَ تَقُلْ هَذَا مُسْتَحِيلْ

فَلَنَا فِي الأُفُقِ رَبٌّ رَحِيمْ

يُشْفِي كُلَّ قَلْبٍ عَلِيلْ

وَيَهَبُ الـحُبَّ.. لِكُلِّ وَجْهٍ جَـمِيلْ

فَكُنْ أَنْتَ ذَاكَ الوَجْهَ الـجَمِيلْ

تَنْثُرُ الزُّهُورَ فِي كُلِّ سَبِيلْ

فَإِنْ رَحِـمْتَ هَذَا الـجَسَدَ

لَنْ يَظَلَّ أَبَدًا نَـحِيلْ..."

هبة الله السّاسي

تونس: 2020.07.25


ريشة: هبة الله السّاسي