السبت، 15 أبريل 2023

المقال الأدبيّ: (الفرض التّأليفيّ 2)، ياسين طاهري، 1ث1، المنتزه، 22-2023


 التّلميذ: ياسين طاهري  الفرض التّأليفيّ 2: (المقال الأدبيّ) ❀ 1ث1 

❀ معهد المنتزه ❀ الكبّاريّة  2023.3.13 

الموضوع :

يَزْخَرُ الشِّعْرُ الوَطَنِـيُّ بِالـمَعَانِي الوَطَنِيَّةِ الـمُبَجَّلَةِ كَحُبِّ البِلاَدِ وَالذَّوْدِ عَنْهَا وَالـحِرْصِ عَلَى تَـحْرِيرِهَا مِنْ قَبْضَةِ الأَعْدَاءِ. بَيْدَ أَنَّهُ يَتَغَنَّى أَيْضًا بِالقِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ الَّتِي تَتُوقُ إِلَيْهَا كُلُّ الشُّعُوبِ فِي شَتَّى العُصُورِ.

حَلِّلْ هَذَا القَوْلَ مُعْتَمِدًا مَا دَرَسْتَ مِنْ نُصُوصِ أَبِي القَاسِمِ الشَّابِّـي وَمَـحْمُود دَرْوِيش.

التّحرير :

 ساعد الشّعرُ الوطنيّ الدّولَ الّتي كانتْ محتلّةً على التّحرّر مِن القيودِ. ومِن بين أعظمِ كتّاب هذا الشّعر البديع التّونسيُّ أبو القاسم الشّابّي والفلسطينيُّ محمود درويش. فشعرُهما يزخرُ بالمعاني الوطنيّة المبجَّلة كحبِّ البلاد والذّودِ عنها والحرصِ على تحريرها مِن قبضة الأعداء ويتغنّى أيضا بالقيمِ الإنسانيّة الّتي تتوقُ إليها كلُّ الشّعوب في شتّى العصور. فكيف تجلّى ذلك في نصوصهما؟

 مَن يحبّ بلادَه يكونُ مستعِدّا للتّضحيةِ في سبيلها. فهي تمثّل كلَّ شيءٍ بالنّسبة إليه. ونجد في شعر درويش الدّليلَ الأنسبَ على ذلك. فهو قد سُجن في معتقلاتِ المحتلّ وتذوّق ألوانا مِن التّعذيب بسبب شعرِه الوطنيّ ومحاولتِه تخليصَ فلسطين مِن قبضةِ الكيان الصّهيونيّ الّذي سيطر عليها غصبًا عن أهلها. وتمتزج مشاعرُ الغضب والثّورة والأمل في شعره. فيقول مناجِيا بلادَه:

«وَطَنِي، يُعَلِّمُنِي حَدِيدُ سَلاَسِلِي ... عُنْفَ النُّسُورِ وَرِقَّــــةَ الـمُتَفَائِلِ».

أحيانا يتمزّق الشّاعرُ بين الشّعورِ بالحزن تجاهَ وطنه وبين الشّعور بالغضبِ بسبب تقصيرِه في الدّفاع عن نفسِه أو بسبب النّقمةِ على الغاصب الّذي جاء يُعكّر صفوَ الحياة على شعبٍ مسالِم لم يضرَّه يوما. ويجتهدُ الشّاعرُ في أداءِ مهمّتِه التّوعويّة أي إيقاظِ شعبِه وتوعّدِ المحتلّ بالعقابِ الأليم. في ذلك يقول درويش معتمِدا المعجمَ الدّينيّ المسيحيّ كي يؤكّدَ قداسةَ الالتزام الوطنيّ:

«وَالفَاتِـحُونَ عَلَى سُطُوحِ مَنَازِلِـي ... لَـمْ يَفْتَحُوا إِلاَّ وُعُودَ زَلاَزِلِـي».

أضفْ إلى هذا أنّ الشّعراءَ الوطنيّين لا يخافون الموتَ مِن أجل الوطن. إنّما يعتبرون ذلك فخرا. فمَن يموتُ في سبيلِ الدّفاع عن البلاد والذّودِ عنها وتحريرِها مِن الاستعمار هو شهيدٌ لا محالةَ. شاهدُنا على ذلك بيتُ درويش:

«فَإِذَا احْتَرَقْتُ عَلَى صَلِيبِ عِبَادَتِي ... أَصْبَحْتُ قِدِّيسًا بِزَيِّ مُقَاتِلِ».

مِن أهمِّ معاني الشّعر الوطنيّ أيضا نجد التّغنّـيَ بالقيمِ الإنسانيّة. وفي هذا المجال أسماءٌ مشهورة أهمّها شاعرُنا الشّابّي الّذي دافع عن قيمةِ الحرّيّة. هذا لأنّه يرفضُ سلبَ حرّيّةِ الإنسان الّذي وُلِد حرّا ويستحقّ أن يبقَى كذلك. فهو القائلُ مخاطِبا جميعَ البشر:

«خُلِقْتَ طَلِيقًا كَطَيْفِ النَّسِيمِ ... وَحُرًّا كَنُورِ الضُّحَى فِي سَـمَاهْ».

يلومُ الشّابّي كلَّ مَن يرضخُ لـمَن يقيّدُه ويقمعه. فلا خوفَ على إنسانٍ يرفضُ سلبَ حرّيّته. قال في ذلك سائلا متعجِّبا مستنكِرا:

«فَمَا لَكَ تَرْضَى بِذُلِّ القُيُودِ ... وَتَـحْنِي لِـمَنْ كَبَّلُوكَ الـجِبَاهْ».

ومِن القيمِ الإنسانيّة الأخرى الّتي يناقشها الشّابّي المثابرةُ في سبيلِ الحصول على الـمُراد. فما مِن شيءٍ يتحقّق بسهولة في هذه الدّنيا. لذلك يفرض الشّاعرُ على الإنسان أن يبذلَ مجهودًا لينالَ مبتغاه. فيُنشد قائلا:

«أَلاَ انْهَضْ، وَسِرْ فِي سَبِيلِ الـحَيَاةِ ... فَمَنْ نَامَ لَـمْ تَنْتَظِرْهُ الـحَيَاهْ».

 إنّ للشّعرِ الوطنيّ دورًا كبيرا في الارتقاءِ بالشّعوب. فقد ساهم في جعلِ مهمّة الاستقلال ممكنةً في الماضي. ويمكنه أيضا أن يُشعِرَ الإنسانَ بقيمته الحقيقيّة. فهذا الشّعرُ مهمٌّ سواء على مستوى حمايةِ الأوطان والسّعيِ إلى استقلالها أو على مستوى تعليمِ القيم الإنسانيّة ونشرِها بين النّاس في كلِّ العالم.

 

 عدسة: فوزيّة الشّطّي 

ليست هناك تعليقات: