d❀ رِحْلةٌ إلَى الغَد ❀c
جِئْتُكَ،
يَا بَـحْرُ، اليَوْمَ أَشْكُو إِلَيْكَ
جِئْتُكَ
وَالقَلْبُ اليَوْمَ يَبْكِيكَ
جِئْتُكَ
وَبِدُمُوعِي اليَوْمَ أَسْقِيكَ
جِئْتُكَ
وَقَدْ هَجَرْتُ الأَهْلَ وَالـخِلاَّنْ
جِئْتُكَ
وَالقَلْبُ تَنْهَشُهُ الأَحْزَانْ.
اِرْحَـمْنِـي،
يَا بَـحْرُ
فَالقَلْبُ
لَـمْ يَعُدْ يُطِيقُ الفِرَاقْ
اِرْحَـمْنِـي،
فَشَمْسِي تَـمَنَّعَتْ عَنِ الإِشْرَاقْ
اِرْحَـمْنِـي،
فَقَلْبِي شَدِيدُ الاحْتِرَاقْ
اِرْحَـمْنِـي،
أَنَا أُمٌّ تَلاَعَبَتْ بِهَا الأَقْدَارْ
رَمَتْ
بِأَكْبَادِهَا فِي قَوَارِبِ الـمَوْتِ وَالانْتِحَارْ
أُمٌّ
سَهِرَتْ لَيْلَ نَهَارْ
لِتُنْشِئَ
جِيلاً يَرْفُضُ الانْكِسَارْ
جِيلاَ لاَ
يُؤْمِنُ إِلاَّ بِالانْتِصَارْ.
لَكِنَّكَ
اليَوْمَ بِتَّ أَنْتَ صَاحِبَ القَرَارْ
تَرْسُمُ
أَحْلاَمًا وَهْمِيَّةً لَيْسَ لَـهَا مَسَارْ
أَحْلاَمًا
تُـجَمِّدُ العُقُولَ، تُكَبِّلُ الأَفْكَارْ.
يَا
بَـحْرُ، خُذْ جَسَدِي قُرْبَانْ
وَأَخْرِجْ
وَلَدِي لِيَعِيشَ فِي أَمَانْ
فَلاَ
حَاجَةَ لَنَا بِاليَاقُوتِ وَالـمَرْجَانْ
وَلاَ
بِـمَدَائِنِ رُومَا وَالـهِنْدِ وَبَاكِسْتَانْ
تَنَهَّدَ
البَحْرُ فِي سَكِينَهْ:
«اِرْفَعِي
رَأْسَكِ، أَيَّتُهَا الأُمُّ الـمِسْكِينَهْ
نُوحِي،
وَلاَ تَكُفِّي عَنِ البُكَاءْ
نُوحِي،
فَأَجْسَادُ أَوْلاَدِكُمْ صَارتْ أَشْلاَءْ».
لَقَدْ
دَقَّ نَاقُوسُ الـخَطَرْ:
أَذْهَانٌ
تَـحْلُمُ، وَأَجْسَادٌ تَنْتَحِرْ
عُقُولٌ
تُغْتَالُ، وَأَرْوَاحٌ تُـحْتَضَرْ
عُيُونٌ
دَامِعَةٌ، وَقُلُوبٌ مِنْ حَـجَرْ
اِنْتِحَارٌ،
مَوْتٌ، جَرَائِمُ لاَ تُغْتَفَرْ
إِلَى
أَيْنَ أَنْتُمْ سَائِرُونَ، يَا مَعْشَرَ البَشَرْ؟
فِي كُلِّ
يَوْمٍ بَسْمَةٌ تَنْتَحِرْ
وَأُمٌّ
ثَكْلَى تُصَارِعُ القَدَرْ
وَمَوْتٌ
غَيْرُ مُنَتَظَرْ.
فَلَوْ
عَلَّمْتِ ابْنَكِ كَيْفَ يُـحِبُّ بِلاَدَهْ
وَأَرْضَ
آبَائِهِ وَأَجْدَادِهْ
لـمَا
حُرِمَ مِنْ رُؤْيَةِ أَحْفَادِهْ
فَأَرْضُنَا
سَخِيَّة، وَأَرْضُهَا مِعْطَاءٌ نَدِيَّة
وَلَوْ
خَدَمُوهَا بِكُلِّ صِدْقِ نِيَّة
لَـجَادَتْ
بِـخَيْرَاتِـهَا وَكَانَتْ عَلَى الـخَرَابِ أَبِيَّة.
فَبِلاَدِي،
وَإِنْ جَارَتْ عَلَيَّ، هِيَ الأُمُّ وَالأُخَيَّة
وَالصَّدِيقَةُ
الـمُخْلِصَةُ الوَفِيَّة.
إِنَّ
الأَحْلاَمَ الوَرْدِيَّةَ لاَ تُـحَقِّقُهَا قَوَارِبُ الـمَوْتِ
وَلاَ
الهِجْرَةُ غَيْرُ الشَّرْعِيَّة.
d❀ هبة الله
السّاسي ❀c
❀ 1 ث 7 : 31 جانفي 2020 ❀
|