❀ الطّلاقُ
المَلعونُ ❀
أبي،
ما عاد بيتُنا كما كانَ.
أنا
لستُ الفتاةَ الصّغيرةَ أو المراهقةَ. لا، بل أنا فتاةٌ ناضجةُ الفكر. صحيحٌ أنّ
جسدي لم يكتملْ بعدُ. لكنّي واثقةٌ أنّ عقلي قد نضجَ.
يُخيفني
كوْني أكثرَ وعيا مِن عمري. فأنا أفهمُ الأشياءَ الحقيقيّة وأدقَّ التّفاصيل.
وأفكارُ الآخرين واضحةٌ لديّ. فأنا أقرأ عيونَهم كأنّها روايةٌ سهلة سلِسة.
يُخيفني
كوني أفهمُ أرواحَهم دون أن يتفطّنوا لي. فأنا فتاةٌ واثقة مِن نفسِها لا تهتمُّ
بما يُقال لها وتتجاهل ضجيجَ مَن حولها ببراعة، فتاةٌ عاشقة للضّحك المجنون مع
مَن أحبّهم. يُقال أنّي محظوظةٌ وبارعةٌ في إخفاءِ حزني. هذا لأنّي أمقتُ
الشّفقةَ وفكرةَ استضعافي، أمقتُ الخيانةَ وكلَّ مَن يحاول مجاملتي نِفاقا...
هذه أنا الآن.
لكنْ
لِنعدْ إلى زمن الماضي قبل عدّة سنوات لـمّا سلبَ الطّلاقُ أحلامي الطّفوليّةَ
وإحساسي بمعاني 'أمّي'
و'أبي'، سلبَ
دميتي الصّغيرةَ ومكعَّباتي المفضَّلةَ الّتي كنتُ ألعبُ بها مع والدي. بيد أنّ
الطّلاقَ علّمني بقدر ما حطّم قلبي وعقلي، عقلي الّذي ما زال إلى اليومِ يتذكّر
لحظاتِ المحكمة وقرارَ الانفصال.
هذا
هو الطّلاقُ الملعونُ الّذي أشكرُه لأنّه صنعَ مِنّي فتاةً صلبة، أشكرُه لأنّه
مزّق شرايينَ قلبي... أشكرُك أيّها الطّلاقُ الملعونُ.
❀ آمنة
شوشان ❀
❀ 1 ث 7: ديسمبر 2019 ❀
|
❤ صورة مِن النّات ❤