❀ آفةُ الظّلمِ ❀ ❀ 'الظُّلْمُ مُؤْذِنٌ
بِخَرَابِ العُمْرَانِ' ❀ ❀ عبدُ الرّحمانِ بنُ خَلدون ❀ إنّ
الظّلمَ مِن أسوأ ما يمكنُ أن يشعرَ به الإنسانُ. فهو يُفقِد الشّخصَ كرامتَه
وإنسانيّتَه. وقد يؤثّر عليه سلْبا بما يدفعُه إلى ردِّ الفعل على مَن ظلمَه
وعلى المجتمعِ الّذي يُحيطُه ردّا عنيفا جدّا. فهل 'الظّلمُ
مُؤذِنٌ بخرابِ العُمران' كما يقولُ العلاّمةُ؟ إنّ
هذه الحكمةَ الخَلدونيّةَ مؤكَّدةٌ وسارية في جميعِ الأماكن والأزمان. فإنْ
أرادتْ دولةٌ مّا التّقدّمَ، عليها أن تُعلِنَ الحربَ على الظّلمِ والفسادِ.
فالفسادُ هو مِن مشتقّاتِ الظّلمِ ومِن نتائجه. والظّلمُ هو السّببُ الرّئيسُ في
خرابِ الدّولِ. هذا لأنّه يخلقُ شعورا بالنّقمةِ على الحاكمِ خاصّةً وعلى
الدّولةِ عامّةً لأنّه يُؤدّي إلى العزوفِ عنِ العمل والإنتاج. وشيئا فشيئا
تنمُو عند الشّعبِ مواقفُ اللاّمبالاةِ والامتناعِ عن تطبيق القانون والإدمانِ
على الفوضى مِـمّا يُهدّد بانهيارِ الدّولة. إنّ
الظّلمَ، حسْب رأيي، هو السّببُ الرّئيسيُّ في انهيارِ الدّولة. فالشّعبُ، إنْ
ظُلِم، سينفجرُ آجلا أو عاجلا. وقد ينخرطُ في حروبٍ دامية مع الحكّامِ ومع
جيوشِهم. وكثيرا ما تُسفرُ هذه الحروبُ عن موتِ آلاف الأبرياء وتهجيرِ العائلات
الآمنة ومحوِ الحضارات العريقة وتدميرِ الكنوز التّاريخيّة. زدْ على ذلك أنّ
الظّلمَ هو سببٌ غيرُ مباشرٍ لعدّةِ جرائم شنيعة. فالكثيرُ مِن الـمُجرمين
تعرّضُوا سابقا لمظالـمَ ردُّوا عليها بطريقةٍ عنيفة. بل إنّ أغلبَ زعماء
المافيا هم فائقُو الذّكاء وأصحابُ مواهب استثنائيّة في التّخطيط. لكنْ زلّتْ
بهم القدمُ إلى عالـمِ الجريمة المنظَّمة. هُـمِّشتْ مواهبُهم، فتمّ استقطابُهم
للعملِ ضدّ الدّولة. إذنْ
فالظّلمُ آفةٌ خطيرة يجب محاربتُها بكلِّ الوسائل لأنّ تفشِّيها دمارٌ للجميع. ❀ محمّد
لؤي الماجري ❀ ❀ 4 علوم 1: ديسمبر 2019 ❀ |
❤ القصر الرّومانيّ باللّجم، ولاية المهديّة، تونس ❤ عدسة: فوزيّة الشّطيّ ❤